وليس من الممكن تحديد مدى الضرر الذي لحق بالبشر في الماضي بسبب هذه الأوساخ نتيجة إلقاء القمامة المجمعة على مدى سنوات عديدة بالبحار. وعلاوة على ذلك فإن التخلص من القمامة عن طريق إلقائها في البحار أيضا أمر لم ينته تماما في عصرنا الحالي. ويؤدي تلوث البحر سواء أكان ذلك الذي يقتل الكائنات الحية التي تعيش في قاع البحر، أو ذلك الذي يمهد الطريق لتجمع المواد الضارة في أجسامها؛ إلى إصابة الإنسان بالضرر في النهاية أيضا. ومن المسلم به أن كل أنواع التلوث هذه التي نعجز عن إحصائها ذات تأثير خطير في العديد من أمراض عصرنا هذا مثل السرطان.
تلوث البيئة من أكبر أعداء بني الإنسان في تاريخ الإنسانية كما هو واضح. وإن تنويه القرآن إلى هذا الموضوع في عصر لم يتكون فيه الوعي البيئي أمر هام جدا؛ فالقرآن لم يكتب تحت تأثير وعي المجتمع الخاص به، والبناء الاجتماعي والمشاكل الفعلية، مثل الكتب التي كتبها البشر بأيديهم. فهو من عند الله رب البشر أجمعين وسيد كل زمان. ولهذا السبب فإن القرآن ينقل المعلومات التي لم تكن موجودة في عصر نزوله، ومستويات الوعي، ومشاكل المستقبل أيضا، بقدر ما حدث في الماضي.
إن البشر يفعلون ذلك بأيديهم بشكل يتفق مع ما ذكر في الآية، كما يعانون بسبب ما كسبت أيديهم. وتفيد الآية كذلك أن ما حل بالبشر بمثابة تنبيه لهم حتى يصلحوا من تصرفاتهم السابقة. وبقدر ما نصلح ما فعلناه بأيدينا- وذلك بالنسبة للبشرية جمعاء- حينئذ نكون قد تجنبنا بهذه الدرجة تلك المصائب التي من المحتمل أن تحل بنا. لذا فإننا على قناعة تامة بأن مساندتنا لجميع الأشخاص والمؤسسات التي تحاول جادة تحقيق التوازن البيئي أمر في محله تماما.